فصل: الْحُكْمُ التَّاسِعُ صفة ذَبحهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْحُكْمُ السَّابِعُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ:

وَهُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْهَدْيِ وَهُوَ مَا وَجَبَ لِتَرْكِ نُسُكٍ أَوْ فَسَادِ الْإِحْرَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى فِي الْحَرَمِ أَخْرَجَ إِلَى الْحِلِّ أَوِ اشْتَرَى مِنَ الْحِلِّ أَدْخَلَ الْحَرَمَ وَهُوَ الَّذِي يُوقَفُ بِعَرَفَةَ وَلَا يُجْزِئُ إِيقَافُ غَيْرِ رَبِّهِ وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَإِنْ بَاتَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ مَا وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ فَحَسَنٌ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ لَا يُفَارِقُ هَدْيَهُ فِي سَائِرِ الْمَوَاطِنِ وَقَالَ ح وش لَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُهُ إِلَى الْحِلِّ لِأَنَّ الْهَدْيَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْهَدِيَّةِ فَإِذَا نَحَرَهُ فَقَدْ أَهْدَاهُ مِنْ مِلْكِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَحَقَّقَ مَعْنَاهُ وَجَوَابه أَنَّهُ مَهْدِيٌّ إِلَى الْحَرَمِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُؤْتَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْهَدْيِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَحْكَامَهُ فَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَاقَهُ مِنَ الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ فَوَجَبَ ذَلِكَ كَمَا وَجَبَ السِّنُّ وَالْجِنْسُ وَالْمَنْحَرُ وَلِأَنَّهُ قُرْبَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْحَرَمِ فَأَشْبَهَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا اشْتَرَاهُ فِي الْحَرَمِ ذبحه سَفِيه وَأَجْزَأَهُ وَالَّذِي لَا يُجْزِئُ مِنْ إِيقَافِ الْغَيْرِ هُوَ الْبَائِعُ وَنَحْوُهُ وَأَمَّا عَبْدُكَ أَوِ ابْنُكَ فَيُجزئ لبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيَهُ مَعَ غَيْرِهِ فَوَقَفَ بِهِ وَنَحَرَهُ وَيَجُوزُ أَن يُؤْتِي بِهِ من الميقات مَعَ الْإِحْرَامِ مُقَلَّدًا مُشْعَرًا مُجَلَّلًا وَيَجُوزُ أَنْ يُؤْتَى بِهِ بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ يَوْمَ النَّحْرِ فَمَا أَتَى بِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَقَفَ بِهِ فَهُوَ الَّذِي يُحِلُّهُ مَوْضِعَ إِحْلَالِ الْمُحْرِمِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوقِفَهُ الْمَوَاقِفَ التَّابِعَةَ لِعَرَفَاتٍ فَإِنْ أَرْسَلَهُ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ لَمْ يَكُنْ مَحِلُّهُ مِنًى لِعَدَمِ الْوُقُوفِ بِاللَّيْلِ وَإِذَا فَاتَ ذَلِك فَحَمله مَكَّةُ وَمَنِ اشْتَرَى يَوْمَ النَّحْرِ هَدْيًا وَلَمْ يُوقِفْهُ بِعَرَفَةَ وَلَمْ يُخْرِجْهُ إِلَى الْحِلِّ فَيُدْخِلُهُ الْحَرَمَ وَلَا نَوَى بِهِ الْهَدْيَ بَلْ نَوَى الْأُضْحِيَّةَ فَلْيَذْبَحْهُ وَلَيْسَ بِالْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ أَهْلَ مِنًى لَيْسَتْ عَلَيْهِمْ أَضَاحِيُّ وَكُلُّ شَيْءٍ فِي الْحَجِّ فَهُوَ هَدْيٌ قَالَ التُّونُسِيُّ شُبِّهَ فِعْلُهُ بِفِعْلِ الْأَضَاحِيِّ لَمَّا نَوَى التَّقَرُّبَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهَا شَاةُ لَحْمٍ.

.الْحُكْمُ الثَّامِنُ نَحْرُهُ فِي الْحَجِّ:

إِذَا حَلَّ مِنْ حَجَّهِ بِمِنًى وَفِي عُمْرَتِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ السَّعْيِ عِنْدَ الْمَرْوَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا حَاضَتِ الْمُعْتَمِرَةُ بَعْدَ دُخُولِ مَكَّةَ قَبْلَ الطَّوَافِ وَمَعَهَا هَدْيٌ لَا تَنْحَرُهُ حَتَّى تَطُوفَ وَتَسْعَى وَإِنْ كَانَتْ تُرِيدُ الْحَجَّ وَخَافَتِ الْفَوَاتَ وَلَمْ تَسْتَطِعِ الطَّوَافَ للْحيض أهلت بِالْحَجِّ أوقفت الْهَدْيَ بِعَرَفَةَ وَنَحَرَتْهُ بِمِنًى وَأَجْزَأَهَا لِقِرَانِهَا وَمَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَسَاقَ مَعَهُ هَدْيًا فَطَافَ لِعُمْرَتِهِ وَسَعَى نَحَرَهُ إِذَا تَمَّ سَعْيُهُ ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنْ أَخَّرَهُ لَمْ يَبْقَ مُحْرِمًا وَأحرم يَوْم التورية وَأول الْعشْر أفضل وفإن أَخّرهُ فنحره عَن متعته إقتداء لَمْ يُجْزِئْهُ لِتَعَيُّنِهِ ثُمَّ قَالَ يُجْزِئُهُ وَقَدْ فَعَلَهُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَالَ سَنَدٌ الْهَدْيُ مَشْرُوعٌ فِي الْعُمْرَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ عَمَّنِ اعْتَمَرَ مِنْ نِسَائِهِ بَقَرَةً فَالَّتِي تُرِيدُ الْقرَان يتقلب هَدْيُهَا لِقِرَانِهَا كَمَا يَنْقَلِبُ إِحْرَامُهَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا خَرَجْنَا مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَأَنَّ هَدْيَهُمْ ذَلِكَ يُجْزِئُهُمْ عَنِ الْقِرَانِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُهْدِي غَيْرَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْقيَاس لِتَعَيُّنِ الْهَدْيِ قَبْلَ نِيَّةِ الْقِرَانِ وَوَافَقَنَا ش فِي تَأْخِيرِ الْمُعْتَمِرِ هَدْيَهُ وَأَنَّهُ يُحِلُّ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُحِلُّ حَتَّى يَحُجَّ وينحر لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الْبَقَرَة 196 وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَتْ حَفْصَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تُحِلَّ أَنْتَ فَقَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هدبي فَلَا أُحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْهَدْيَ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ وَعَن الثَّانِي أَن عمرته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مَعَ الْحَجِّ مَعًا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ تَمَتَّعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَسَاقَ الْهَدْيَ مَعَهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَّلَ بِالْحَجِّ وَإِذَا أَهْدَى لِعُمْرَتِهِ لَا يَقْصِدُ التَّمَتُّعَ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لَا يُجْزِئُهُ عَلَى تَمَتُّعِهِ عَنِ الْقَوْلَيْنِ قَالَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلِ الْخِلَافُ جَارٍ فِيهَا وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّمَتُّعَ فَقَدْ كَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الصُّورَتَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِتَعَيُّنِهِ نَافِلَةً وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِتَعَيُّنِهِ قَبْلَ سَبَبِ وُجُوبِهِ كَالصَّلَاةِ قبل الْوَقْت وَفِي الْكتاب أذا بعث يهدي تَطَوُّعٍ مَعَ رَجُلٍ حَرَامٍ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَهُ حَاجًّا فَإِنْ أَدْرَكَ هَدْيَهُ لَمْ يَنْحَرْهُ حَتَّى يُحِلَّ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْهَدْيُ قَدِ ارْتَبَطَ بِإِحْرَامِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ يَنْقَطِعُ كَمَا لَوْ أَحْضَرَ الرَّسُولُ وَأَمْكَنَ رَبَّهُ الْوُصُولُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَقْوَى مِنَ الْفَرْعِ وَالْمُوَكِّلُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ عَزْلِ الْوَكِيلِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ كَانَ الرَّسُولُ دَخَلَ بِحَجٍّ ثُمَّ دَخَلَ رَبُّهُ بِعُمْرَةٍ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَنْحَرَهُ فِي الْحَجِّ لِأَنَّ النَّحْرَ فِي الْحَجِّ أَفْضَلُ مِنَ الْعُمْرَةِ لِجَعْلِ الشَّرْعِ لَهُ زَمَانًا مُعَيَّنًا وَمَا اعْتَنَى الشَّرْعُ بِهِ يَكُونُ أَفْضَلَ فَإِنْ سَبَقَ الْهَدْيَ فِي عمرته وَدخل بِهِ بِعُمْرَة فَأَرَادَ تَأْخِير حَتَّى يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُؤَخِّرهُ لقَوْله تَعَالَى {فَلَا تحلقوا رؤسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الْبَقَرَة 196.

.الْحُكْمُ التَّاسِعُ صفة ذَبحهَا:

فِي الْكِتَابِ تُنْحَرُ الْبُدْنُ قِيَامًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنِ امْتَنَعَتْ جَازَ أَنْ تُعْقَلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} الْحَج 36 أَيْ سَقَطت وَفِي البُخَارِيّ نحر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا وَتُنْحَرُ الْإِبِلُ وَلَا تُذْبَحُ بَعْدَ النَّحْرِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِزُهُوقِ رُوحِهَا وَاللَّهُ تَعَالَى كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَالْبَقْرُ تُذْبَحُ وَلَا تُنْحَرُ بَعْدَ الذَّبْحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الْبَقَرَة 67 قَالَ سَنَدٌ وَالْعَقْلُ رَبْطُ يَدَيْهَا مَثْنِيَّةً ذِرَاعُهَا إِلَى عَضُدِهَا لِأَنَّ فِي حَدِيث جَابر كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَصْحَابه يَنْحَرُونَ الْبُدْنَ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى قَائِمَةً قَالَ مَالِكٌ وَتُصَفُّ أَيْدِيهَا بِالْقُيُودِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} الْحَج 36 قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ بَعْدَ النَّحْرِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ انْقِلَابَهَا فَيَنْحَرَهَا بَارِكَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ تَفَرُّقِهَا وَيُمْسِكُهَا رَجُلَانِ رَجُلٌ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَهِيَ قَائِمَةٌ مَصْفُوفَةٌ أَحْسَنُ مِنْ نَحْرِهَا بَارِكَةً وَفِي الْكِتَابِ تكره النِّيَابَة فِي الزَّكَاة لِأَن مُبَاشرَة الْقرب أفضل وَكَذَلِكَ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ فَإِنِ اسْتَنَابَ أَجَزْأَهُ إِلَّا فِي غَيْرِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نحر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثَلَاثِينَ بَدَنَةً وَأَمَرَنِي فَنَحَرْتُ سَائِرَهَا وَيَقُولُ مَنْ ذَبَحَ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَسَمَّى الله تَعَالَى أَجْزَأَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} الْحَج 34 قَالَ سَنَدٌ رَوَى أَشْهَبُ إِنَّ ذَكَاةَ الذِّمِّيِّ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَيَغْسِلُ الذِّمِّيُّ الْجُنُبَ إِذَا قَصَدَ الْجُنُبُ رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَكَاسْتِنَابَتِهِ فِي الْعِتْقِ وَمَوْضِعُ الْمَنْعِ الذَّبْحُ بِخِلَافِ السَّلْخِ وَتَقْطِيعِ اللَّحْمِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ التَّسْمِيَةِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى مُخَالَفَةً الْجَاهِلِيَّةِ فِي تَسْمِيَةِ الْأَصْنَامِ حَتَّى لَوْ قَالَ اللَّهُ أَجْزَأَهُ أَمَّا ذِكْرُ الرَّحْمَنِ فَلَا يُنَاسِبُ حَالَ الْإِمَاتَةِ وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ قَوْلَهُ اللَّهُمَّ مِثْلَ الْأَوَّلِ مُسْتَحْسَنًا خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُعْطَى الْجَزَّارُ أُجْرَتَهُ مِنْ لَحْمِهَا وَلَا جُلُودِهَا وَلَا خِطَامِهَا وَلَا جُلِّهَا لِمَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمرنِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلُحُومِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا وَقَالَ نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ ذَبَحَهَا غَيْرُ صَاحِبِهَا قَاصِدًا صَاحِبَهَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَنْبِهْ لِوُجُوبِهَا بِالتَّقْلِيدِ وَإِنْ نحرها عَن نَفسه تَعَديا أَو غَلطا فَأَقُول ثَالِثهَا يُجزئ فِي الْغَلَط لوُجُود قصر الْقُرْبَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ التَّعَدِّي وَلَوْ دَفَعَهَا لِلْمَسَاكِينِ بَعْدَ بُلُوغِهَا مَحِلَّهَا وَأَمَرَهُمْ بِنَحْرِهَا وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَاسْتَحْيَوْهَا فَعَلَيْهِ بَدَلُهَا كَانَتْ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا لِأَنَّ تَفْرِيطَ الْوَكِيلِ كَتَفْرِيطِ الْمُوكل.

.الْحُكْمُ الْعَاشِرُ الْأَكْلُ مِنْهَا:

وَفِي الْكِتَابِ يُؤْكَلُ مِنَ الْهَدْيِ كُلِّهِ وَاجِبِهِ وَتَطَوُّعِهِ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةً جَزَاءَ الصَّيْدِ وَفْدِيَةَ الْأَذَى وَنَذْرَ الْمَسَاكِينِ فَإِنْ أَكَلَ فَلَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَقَالَ ح يَأْكُلُ مِنَ التَّطَوُّعِ وَهَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجِبَا بِسَبَبِ مُحْرِمٍ فَلَمْ يَحْرُمَا عَلَيْهِ كَالتَّطَوُّعِ وَقَالَ ش يَأْكُلُ مِنَ التَّطَوُّعِ دُونَ مَا وَجَبَ فِي الْإِحْرَامِ وَاخْتلف أَصْحَابه فِي النّذر لِأَنَّهُ هَدْيٌ وَاجِبٌ كَفِدْيَةِ الْأَذَى وَجَزَاءِ الصَّيْدِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} الْحَج 36 وَهُوَ عَامٌّ خُصَّ مِنْهُ جَزَاءُ الصَّيْدِ لِأَنَّ بَدَلَهُ الَّذِي هُوَ الْإِطْعَامُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ لِلْغَيْرِ فَيَكُونُ هُوَ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ لِلْغَيْرِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ كَبَدَلِهِ وَكَذَا فِدْيَةُ الْأَذَى وَنَذْرُ الْمَسَاكِينِ فَإِنْ أَكَلَ مِنَ الثَّلَاثَةِ ضَمِنَ فِي جَزَاء الصَّيْد مَا قل أَو كَثُرَ وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَدْرِي قَوْلَ مَالِكٍ فِي نَذْرِ الْمَسَاكِينِ وَأَرَى أَنْ يُطْعِمَ الْمَسَاكِينَ قَدْرَ مَا أَكَلَ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ الْبَدَلُ لِأَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ لَيْسَ مِثْلَ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُ الْأَكْلِ مِنْهُ قَالَ وَإِذَا هَلَكَ هَدْيُ التَّطَوُّعِ قَبْلَ مَحِلِّهِ تَصَدَّقَ بِهِ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ فَإِنْ أَكَلَ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ لِاتِّهَامِهِ فِي ذَبْحِهِ وَكُلُّ هَدْيٍ مَضْمُونٍ هَلَكَ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَلَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ وَالْإِطْعَامُ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَلَا يَبِعْ مِنْهُ لَحْمًا وَلَا جُلًّا وَلَا جِلْدًا وَلَا خِطَامًا وَلَا قَلَائِدَ وَلَا يَسْتَعِينُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ وَالْمَبْعُوثُ مَعَهُ بِالْهَدْيِ يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ هَدْيٍ إِلَّا الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِسْكِينًا وَفِي مُسلم لما بعث صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدْيَ مَعَ نَاجِيَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ لَهُ أَرَأَيْتَ إِن أزحف مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى مَعْنَى ضَعُفَ عَنِ الْمَشْيِ يُقَالُ رَجَفَ الْبَعِيرُ إِذَا خَرَّ مِنْ سَنَامِهِ على الأرض من الأعياء وأوجفه الْيَسِير فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْحَرْهُ وَاخْضِبْ نَعْلَهَا بِدَمِهَا وَاضْرِبْ بِهَا صَفْحَتَهَا وَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِكَ» قَالَ سَنَدٌ حَكَى مُحَمَّدٌ خِلَافًا فِي الْأَكْلِ مِنْ هَدْيِ الْفَسَادِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِنْ أَكَلَ مِنَ الْجَزَاءِ وَالْفِدْيَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وكل هدي جَازَ أكل بعضه وَجَاز أَكْلُ كُلِّهِ وَلَا حَدَّ فِيمَا يُسْتَحَبُّ إِطْعَامُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَحَدَّدَهُ ش بِالنِّصْفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} الْحَج 28 وَمَرَّةً بِالثُّلُثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} الْحَج 36 فَجَعَلَ لَهُ شَرِيكَيْنِ وَالنَّذْرُ قِسْمَانِ نَذْرٌ لِلْمَسَاكِينِ يَأْكُلُونَهُ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ على الْمَشْهُور وَفِيه خلاف منذور النَّحْر فَقَط قَالَ مَالك يَأْكُل مِنْهَا وَإِذَا عَيَّنَ أَفْضَلَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ وَقُلْنَا يُبْدِلُهُ فَهَلْ مِثْلُ مَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مِثْلُ مَا عَيَّنَ لِأَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فَمَشَى فِي حج فَركب وَأَرَادَ يَقْضِيَ سَنَةً أُخْرَى مَا رَكِبَ فَإِنَّهُ يَمْشِي إِنْ شَاءَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَمَا كَانَ أَوَّلًا وَلَوْ عَطِبَ بِتَفْرِيطِهِ لَزِمَهُ مِثْلُ مَا عَيَّنَ وَلَوْ كَانَ بَدَلًا عَنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ ضَلَّ فَعَطِبَ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَ الأول نَحره وَبدل الثَّانِي لِأَنَّهُ صَارَ تَطَوُّعًا أَكَلَ مِنْهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا أَكَلَ مِنْ هَدْيٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا يُبْدِلُ الْهَدْيَ كُلَّهُ وَالْأُخْرَى مَكَانَ مَا أَكَلَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عُيِّنَ لِلْمَسَاكِينِ فَأَكْلُهُ وَأَكْلُ غَيْرِهِ سَوَاءٌ وَالسُّنَّةُ تَضْمِينُ الْجَمِيعِ وَلِأَنَّهُ كَمَا ضَمِنَ إِرَاقَةَ دَمِهِ فَقَدْ ضَمِنَ أَبْعَاضَهُ فَإِذَا أَكَلَ بَعْضَهَا سَقَطَتِ الزَّكَاةُ فِيهِ وَالزَّكَاةُ لَا تَتَبَعَّضُ فَيَبْطُلُ الْجَمِيعُ وَالْهَدْيُ فِي الْأَكْلِ مِنْهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ مَا يُؤْكَلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ الْوَاجِبُ مَا عَدَا الْفِدْيَةَ وَالْجَزَاءَ وَالنُّذُورَ وَمَا لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ قبل وَلَا بَعْدُ وَهُوَ نَذْرُ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنُ وَمَا لَا يُؤْكَل مِنْهُ قبل بُلُوغه يُؤْكَل بعد وَهُوَ التَّطَوُّعُ وَالنَّذْرُ الْمُطْلَقُ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَضْمُونَيْنِ قَبْلَ مَحِلِّهِمَا إِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ فَإِنْ تَعَرَّضَ ضمن وَمَا يُؤْكَل قبل لَا بَعْدُ وَهُوَ الْجَزَاءُ وَالْفِدْيَةُ وَالنَّذْرُ الْمَضْمُونُ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ قَبْلُ وَبَعْدُ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْغَيْرِ وَإِنْ أَكَلَ السَّائِق للهدي وَإِذا وَقَفَ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يُجْزِئْ رَبَّهُ وَضَمِنَ السَّائِقُ لِلتُّهْمَةِ كَالرَّاعِي يَذْبَحُ الشَّاة يَقُول خِفْتُ عَلَيْهَا الْمَوْتَ فَإِنْ شَهِدَ لَهُ أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِهِ مِمَّنْ أَكَلَ مِنَ الْهَدْيِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ أكل مُبَاحا وَضمن السَّيِّد وَلَا يَرْجِعُ السَّائِقُ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ أَطْعَمَهُ لِأَن يَقُولُ إِنَّهُمْ أَكَلُوا مُبَاحًا وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَقْتَ النَّحْرِ لَا هَدْيًا مَكَانَهُ كَمَنْ تَعَدَّى عَلَى هَدْيٍ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْهَدْيَ بِالْهَدْيِ وَبِهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بُلُوغَ الْهَدْيِ إِلَى مَحِلِّهِ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ تَطَوُّعًا فَلَيْسَ على ربه إِلَى هَدْيٌ بِقِيمَةِ مَا يَرْجِعُ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَإِن طعم السَّائِق من الْوَاجِب فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَا عَلَى رَبِّهِ إِنْ أَمَرَهُ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى رَبِّهِ وَإِنْ أَطْعَمَ مِنَ التَّطَوُّعِ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ فَلَا شَيْء على ربه وَإِن لَمْ يَأْمُرْهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَإِنْ أَطْعَمَ مُسْتَحِقًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَضَمِنَ رَبُّهُ إِنْ أَمَرَهُ أَنْ يُطْعِمَ مُعَيَّنًا وَفِي الْكِتَابِ مَنْ أَطْعَمَ غَنِيًّا مِنْ جَزَاءِ الْفِدْيَةِ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ جَهِلَ أَوْ عَلِمَ كَالزَّكَاةِ وَلَا يَطْعَمُ مِنْهُ وَلَا مِنْ جَمِيعِ الْهَدْيِ غَيْرُ مُسْلِمٍ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ الْجَزَاءَ وَالْفِدْيَةَ دُونَ غَيْرِهِمَا وَهُوَ خَفِيفٌ وَقَدْ أَسَاءَ وَلَا يُطْعِمُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ أَبَوَيْهِ وَلَا زَوْجَتَهُ وَلَا وَلَدَهُ وَلَا مُدَبَّرَهُ وَلَا مُكَاتَبَهُ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلَا يصرفهَا لمن يتَعَلَّق بِهِ كَالزَّكَاةِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا أَطْعَمَ غَنِيًّا عَالِمًا فَيُخْتَلَفُ هَلْ يَغْرَمُ جَمِيعَ الْهَدْيِ أَوْ قَدْرَ مَا أَعْطَى لَحْمًا أَوْ طَعَامًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا اخْتَلَفَ فِي الزَّكَاةِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ فِي غَيْرِ الْمُسْلِمِ كَالزَّكَاةِ وَإِطْعَامُ الذِّمِّيِّ مَكْرُوهٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَخَفَّفَ ابْنُ وَهْبٍ فِي إِطْعَامِ الذِّمِّيِّ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ وَقَالَ إِنَّمَا النَّهْيُ فِي الْمَجُوسِ وَخَفَّفَ مَالِكٌ فِي إِطْعَامِ جِيرَانِهِ الْكِتَابِيِّينَ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ وَكَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا لِمَنْ فِي عِيَالِهِ مِنْهُمْ فَإِنْ أَطْعَمَ أَبَوَيْهِ أَوْ مَنْ ذَكَرَ مَعَهُمْ فَعَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ الْبَدَلُ وَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي قَدْرِ مَا أَطْعَمَ لَحْمًا أَوْ طَعَامًا فَإِنْ كَانَ الْأَكْلُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قَدْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ حَتَّى يُقَدِّرَ سُقُوطَ إِرَاقَةِ الدَّم فِي ذَلِك الْبَعْض إِنَّمَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ مَنْفَعَةُ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْأَكْلُ فِي عِيَالِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ لَا يُؤْكَلُ مِنْ هَدْيِ الْفَسَادِ وَمَنْ أَكَلَ مِنْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ فَفِي إِبْدَالِ بَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ مُعَيَّنًا أَطْعَمَ قَدْرَ مَا أَكَلَ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا وَجَبَ الْبَدَلُ عَنِ الْكُلِّ وَإِذَا أَوْجَبْنَا بَدَلَ الْمَأْكُولِ فَقِيلَ بَدَلُ اللَّحْمِ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ قِيمَتُهُ طَعَامًا لِأَنَّ مِثْلَ لَحْمِ الْهَدْيِ لَا يُوجَدُ وَقيل يغرم الْقيمَة ثمنا وَيَخْتَصُّ بِأَكْلِ الْهَدْيِ مَنْ جَوَّزَ لَهُ أَخْذَ الزَّكَاةِ إِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَأْكُلُ صَاحِبُهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ بَلْ يَأْكُلُ الْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ.

.الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بِقَاعِهَا:

وَفِي الْكِتَابِ كُلُّ هَدْيٍ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَمَحِلُّهُ بِمَكَّةَ مَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَنَحَرَهُ بِمِنًى فَإِنْ نَحَرَ بِمَكَّةَ جَهْلًا أَوْ عَمْدًا أَجْزَأَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الْحَج 33 وَمَنْ ضَلَّ هَدْيُهُ الْوَاجِبُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَوَجَدَهُ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى فَلْيَنْحَرْهُ بِمَكَّةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ مَرَّةً يُجْزِئُهُ وَبِهِ أَقُولُ وَمَنْ ضَلَّ هَدْيُهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَوَجَدَهُ غَيْرُهُ فَنَحَرَهُ بِمِنًى لِأَنَّهُ رَآهُ هَدْيًا أَجْزَأَ رَبَّهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ كُلُّ مَا مَحِلُّهُ مَكَّةَ فَعَجَزَ عَنِ الدُّخُولِ بِهِ إِلَى بُيُوتِ مَكَّةَ وَنُحِرَ بِالْحَرَمِ لَمْ يُجْزِئْ وَإِنَّمَا مَحِلُّهُ مَكَّةُ أَوْ مَا يَلِي بُيُوتَهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ وَلَا يُجْزِئُ نَحْرُهُ عِنْدَ ثَنِيَّةِ الْمَدَنِيِّينَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَحَرَ هَدْيَهُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بِالْحَرَمِ وَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَحِلَّهُ بِقَوْلِهِ {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} الْفَتْح 25 قَالَ مَالِكٌ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ إِلَّا مَا خَلْفَ الْعَقَبَةِ وَأَفْضَلُهَا عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَلَا ينْحَر هدي بِمَكَّة إِلَّا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى قَالَ سَنَدٌ يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ النَّحْرِ بِمَكَّةَ إِذَا فَاتَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَيُنْحَرُ بِمِنًى مَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَأَنْ يُنْحَرَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ عَلَى سُنَّةِ الضَّحَايَا وَأَنْ يَكُونَ نَحْرُهُ فِي حَجٍّ وَإِذَا ضَلَّ هَدْيُهُ فَنَحَرَ غَيْرَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ فِي أَيَّامِ مِنًى فَنَحَرَهُ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الضَّالُّ الْوَاجِبُ يَتَقَدَّمُ تَعَيُّنُهُ عَلَى الْوَاجِبِ وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الِاثْنَيْنِ الْأَوَّلُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ وَالثَّانِي لِتَعَيُّنِهُ هَدْيًا كَمَنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ حَجَّ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَتَعَيَّنُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا سَاقَ الْهَدْيَ الْوَاجِبَ فَضَلَّ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ ثُمَّ وَجَدَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى لَا يُجْزِئُهُ وَيَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ وَيُهْدِي غَيْرَهُ وَرَوَى أَشْهَبُ يُجْزِئُهُ فَنَزَّلَ مَرَّةً نِيَّةَ الْإِيقَافِ مَنْزِلَته وَمرَّة لم ينزلها وَفِي الْجلاب إِن أضلّ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ قَبْلَ الْوُقُوفِ ثُمَّ وُجِدَ بِمِنًى فَرِوَايَتَانِ يَنْحَرُهُ بِمِنًى ثُمَّ يُبْدِلُهُ بِهَدْيٍ آخَرَ بِمَكَّةَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى وَيُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ وَيُجْزِئُهُ فَصَارَ فِي الْفَرْعِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يَنْحَرُهُ بِمِنًى وَيُجْزِئُهُ يَنْحَرُهُ بِمِنًى وَيُبْدِلُهُ بِهَا يَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ وَيُبْدِلُهُ بِهَا يَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ وَيُجْزِئُهُ وَفِي الْكتاب لَا يُجزئ ذَبْحُ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَلَا هَدْيٌ إِلَّا بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى وَمَا كَانَ مِنْ هَدْيٍ فِي عُمْرَةٍ لِنَقْصٍ فِيهَا أَوْ نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ نَحَرَهُ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ يَنْحَرُهُ بِمِنًى كَمَا يَفْعَلُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ إِلَّا هدي الْجِمَاع فِي الْعمرَة ويؤخره إِلَى قَضَائِهَا أَوْ بَعْدَ قَضَائِهَا بِمَكَّةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي فَسَادِ الْإِحْرَامِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجُوزُ النَّحْرُ بِمِنًى وَإِنْ لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ وَإِذَا نَحَرَ بِمَكَّةَ مَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَفِي الْإِجْزَاءِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا يَخْتَصُّ الْإِجْزَاءُ بِمَا نَحَرَ بَعْدَ خُرُوجِ أَيَّامِ مِنًى.